"مواطن بلا هوية"
كلمة طفل هي كلمة صغيرة لكن معناها أكثر من مئة كلمة , معناها البراءة و النعومة...
وكلمة طفل نشتق منها كلمة "طفولة وهي حالة الطفل من نعومة أظافره.
قال الشابي
قضيتها ومعي الحبيبة لا رقيب ولا نذير إلا الطفولة حولنا تلهو مع الحب الصغير
و لا يعرف معنى الطفولة حتى عندما يكبر الإنسان و يعرف قيمتها, فكل الأطفال
إخوة, و أطفال فلسطين لا يجب أن يحرموا من حقوقهم, فحتى ولو ناديت ليلا و نهارا
إلا أن قلب العدو لا زال باردا و لا يعرف الرحمة...
فكيف يحرمون طفلا من الحرية واللعب ؟ كيف يحرمونه من الحب والحنان ؟ كل طفل
ربما يحلم أن يكون ربما صحفيا في المستقبل أو سائق طائرة مثلا...كل طفل لديه أحلامه
التي للأسف من الصعب تحقيقها بالنسبة لأطفال غزة بسبب العدو الإسرائيلي الذي لا
يترك مجالا للطفل في التفكير في هذه الأحلام و العيش بها ...
فكل أطفال غزة يتمنون الموت على أن يعيشوا بهذه المرحلة أو في أي وقت تنتهي ساعتهم
يعيشون في ظلام, يأكلون في جوع شديد, يشربون الماء في عطش, يفرحون بدون
ابتسامة, والبكاء لا يفارق أعينهم وكلمة الموت لا تزال على ألسنتهم و صوت الرصاص
لا زال على أذانهم و رائحة الموت في كل مكان...
لماذا, لماذا يحرمونهم من أهم و أغلى و أحلى شيء في الدنيا, لماذا يذوقون طعم العذاب
رغم صغرهم و هم كالملاك ممتلئ بالبراءة و هم لا يدركون معنى الحرية و الاستقلال ولا
السعادة و لا الابتسامة, و هم في ظلام قاتم لا يعرفون الليل من النهار, و لا النهار من
الليل, لا يعرفون طلوع الشمس من غروبها, لا يعرفون الحي من الميت, ولا الميت من
الحي...
تخيل أيها العدو الإسرائيلي أن تحرم من طفولتك...هل هذا منطقي ؟
أتمنى من كل قلبي الذي يقرأ هذا الكتاب و هذه الكلمات أن يضع نفسه محل هؤلاء الأطفال
ألا تشعرون بالذنب ؟ و أعلم أنكم لا تستطيعون تحمل ذلك لكن ماذا نقول عن أطفال غزة
الذين حرموا من حريتهم و طفولتهم, أيها العدو الإسرائيلي حتى ولو لم يكن لديك قلب
لتشعر و تحس لكن فكر بعقلك ماذا سيحل بالأطفال حيال هذه القسوة والحرمان اللذان
يعيشونهما ؟
وهذه بعض الكلمات كتبها أطفال فلسطين
"حلمنا وسنحلم بالحرية حقيقة كانت أم خيال تساؤلنا و سنتساءل عن مدى قسوة الذئاب,
أسنبقى دائما تحت ظلهم ؟ تحت ظل القسوة و الإساءة و التذمر أم سنعيش مثل باقي الأطفال
نريد الوصول دائما للأفضل والأحسن, نعيش في عالم مليء بالسعادة والمحبة...
أهذه أمنية صعبة التحقيق ؟ أو ليس هذا حقنا كباقي الأطفال ؟
نحن عندما نمد يدينا لطلب الحرية لسنا بمتسولين و إنما نطلب حقنا كما قال عمر بن
الخطاب (رضي الله عنه) "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟"
ما أجمل الحرية التي لا نشعر بها إلا عندما نفتقدها, عندما تضيع منا في عالم الضياع
عندما تكون حلم يراودنا في كل ساعة وفي كل دقيقة وفي كل ثانية. وهاهم من حلموا
بالحرية يجدونها من جديد بعدما كانوا في سجن مظلم, سجن لصرخات الألم و صيحات
الأمل الذي عاشه هؤلاء السجناء خلال وجودهم في المعتقل أو في الزنزانة أو في السجن
ليس مهم الاسم, المهم أنه في مكان لكتم الحرية في داخله, مائتان و خمس و خمسون
أسير فقدوا حريتهم وعاشوا بانتظارها قبل أن يموتوا في عالم الكتمان و ضياع الحرية,
خرجوا بفرحة كبيرة غامرة شملتهم وشملت عائلاتهم كطير يخرج من قفص عاش فيه
الألم و الأمل في أن واحد , في مكان كتب الصمت فيه ذكرياتهم المشؤومة التي تخللتها
الدموع والأحزان, انطلقنا إلى الحرية لنكمل جزءا من حلمنا الذي مات داخل السجن
والمكان المشؤوم , عشنا الألم قبل أن نعيش الأمل ...............عشنا الحزن قبل أن
نعيش الفرح .........عشنا الظلم قبل أن نعيش العدل والكرامة.
كتبت وكتبت لكي أحلم, لأطير في عالم أبتعد به عن عالم تحول إلى غابة لا يعيش
فيها إلا الوحوش, كتبت واكتب إلى دروب مزقت في الليالي السوداء, كتبت و سأكتب
إلى عاشق يطير في سماء لا يعرف مداها, قلبي أصبح متيم بالهوى الذي يطير في
سماء بعيدة حروفها أصبحت مثلي مقطعة تكاد لا تفهم, فواصل و نقاط تأخذني إلى
عاملي الذي أضيء بنقاط الحروف و تزين بأحلامي التي تقوم قبل كل شيء على
حرية بلادي المغتصبة, في دروب بعيدة أمشي دون أن أعلم النهاية لكنني اعلم أنها
كانت ومازالت البداية, أضيع في عالمي الذي جسدي فيه لكن أجد نفسي حيثما أجد
فيه الجميع, روحي توجد في عالم الحرية التي فقدتها حيث يوجد جسدي, سافرت إلى
المجهول حلقت في سماء الحرية, لم أعد أرى البشر بحقدهم وشرهم و إنما أرى القوي
منا يأكل الضعيف.
كم تمنيت كما تمنى كل أطفال فلسطين أن نكون مثل باقي أطفال العالم نعيش في وطن حر
نعيش في ماض جميل ننتظر مستقبل أجمل. كم تمنيت كما يتمنى أطفال فلسطين أن نخرج
من بيوتنا إلى بيت امن يحضننا بدفء و أمان , كم تمنيت كما يتمنى أطفال فلسطين أن
نرى مستقبلنا بين الورود في أجواء امتلأت بالحب والسلام , ليس بين القنابل و الدروب
الممزقة, كم تمنيت كما تنمى أطفال فلسطين و شبابها و شيوخها أن نكون فلسطينيون
نحمل هوية فلسطينية بقلوبنا و أيدينا, كم تمنيت كما تمنت عصافير فلسطين أن نرقص
على دروب المحبة محلقين في وطن امن , كم تمنيت كما تمنى أطفال فلسطين أن نكون
في بيت يخلو من صرخات الصمت و الألم من قيود كسرت الأمل و الحلم فينا, كم
تمنيت كما يتمنى كل فلسطيني بأن لا أكون يوما جثة مرمية على قارعة الطريق, كم
تمنيت أن تتحقق أمنياتي و تتحول إلى حقيقة نعيشها ولو لدقائق, أمنياتي تخللت بالصمت
لكن أتمنى أن يأتي يوما تصبح أمنياتي و أمنيات كل فلسطيني صرخة تصل إلى العالم
و تصبح نقطة بالتاريخ "
أعشق دروب الحياة
أعشق طيور السلام
أعشق كل قلب ولهان
أعشق أحلام الحنان
أعشق كل عاشق في هذا الزمان
أعشق بقلب لا يعرف الظلم ولا الهوان
أعشق نور الحرية
أعشق طيور الحمام فوق أبراج السلام
أعشق عصافير تنادي بشدوها الحياة
أعشق بلا حدود
أعشق بلا زمان
عنوان قصتي "مواطن بلا هوية", و هذا هو الواقع نعم إنني بلا هوية فلسطينية, مواطن
موجودا و لكن لا أحد يعترف به, لأنني بلا هوية.
أنا فلسطيني أريد أن أنقل حكايتي لكم ليست معاناتي و إنما معاناة الكثيرين مثلي , أنا
حرمت من هويتي نعم حرمت منها لم يكن هذا يعني لي في بداية عمري لأنني لم أكن
أدرك ما قيمة هذه الهوية, كنت طفلا صغيرا عندما هربت عائلتي من الكويت أو
طردت منها بسبب اضطرابات سياسية في الكويت وكانت عائلتي فلسطينية الأصل
لكن كان مقرها في الكويت وشاء القدر أن نعود إلى فلسطين إلى دولتنا التي كنا نجهلها
لكنها تبقى وطنا لنا و نبقى فلسطينيين.
كثيرون طردوا من أراضيهم في الكويت و جاءوا إلى فلسطين لكي يجدوا ذكرياتهم
فيها قد تكون ذكريات ذل و عذاب لكن الوطن يبقى أغلى شيء يحمله الإنسان في
قلبه, بدأت السنين تتوالى و تمر و عجلة الحياة تدور بنا حتى أصبح عمري تسع
سنوات و كنت في الصف الرابع, و عندما كنت جالسا أدرس حتى أحقق حلمي سمعت
أخي الكبير يقول لأمي "أنا لا أستطيع أن أتجول و أتنقل في وطني بدون هوية ",
لم يعنيني هذا ما قاله أخي لأنني لم أكن أعلم بأن في يوم من الأيام سأكرر هذه العبارة
لأمي, ومع مرور السنين و الأيام و عندما وصلت الصف العاشر و في هذا الصف تمنح
الهويات للطلاب , لم أكن أعلم أنني لم أحصل على هوية و عندما سألت معلمي عن سبب
عدم منحي الهوية قال لي "عندما تصبح فلسطينيا سنمنحك الهوية", الدموع بدأت تكثر
في عيني لما سمعته, فهو لم يعترف بي كفلسطيني و إنما مواطن مجهول يبحث عن هويته
...رجعت إلى البيت, ولم أر نفسي إلا أكرر نفس العبارة التي ذكرها أخي قبل سنوات
و الآن أنا مواطن مجهول, مواطن يبحث عن هويته و أنا لا أعلم هل سأجدها أو لا
أجدها و سأبقى مواطنا مجهولا أحلم بأن يعترف بي كل العالم في كل مكان سوف أذهب
إليه.
قصة جديدة خلفتها الاضطرابات السياسية التي طاردت الفلسطينيين في كل مكان ذهبوا
إليه و هل ستتوقف هذه المطاردة للفلسطينيين و هل ستتوقف معاناتهم ؟ هذا ما سيكشف
لنا عنه الزمن ...