كلما تتسنى لي الفرصة لزيارة جدي, كنت اجلس معه وأسمع كلامه إلى النهاية وأعيش تلك اللحظات الممتعة و الصعبة في نفس الوقت و سأتذكر كلامه إلى آخر يوم بحياتي كل كلمة و كل حرف منها...
فكانت حكاياته مثل حكاية ألف ليلة وليلة, فكان يوم بأكمله لا يكفي لسماع كل حكاياته...
البعض يقول أن الجلوس مع الكبار ممل, في نظرهم أن الكبار كلامهم ما هو إلا خرافات لا يصدقها أحد...لكنني مع الرأي الذي يقول أن الجلوس مع الكبار أمتع و أفضل من الجلوس مع أحد آخر.
فقد بدأ جدي حياته بالسعادة ولا وجود للحزن..كان اليوم يمر كالسنة و السنة كأنها مئة عام كانوا لا يشعرون بالوقت , يلعبون و يمرحون و الحياة فتحت لهم أبوابها...
لكن سرعان ما تغيرت حياتهم إلى الأسوأ , ففي عام 1830 م جاء العدو الفرنسي إلى أرض العزة و الشرف (الجزائر)..فاغتصبوا حريتها , وحرموا المئات من الأطفال الحياة , ماهو ذنبهم؟ أليس لديهم حقوق؟ أين هي الإنسانية هذا ما يسمى بالوحشية...
هذه هي الحقيقة التي يجهلها الكثير , لكنها تظل حقيقة.
كانوا يذوقون الجزائريون كل أنواع العذاب...كل هذا, و إلى يومنا هذا ما زالوا الفرنسيون لا يعترفوا بالخطأ....
كانوا يعيشون الفقر بكل أنواعه ..يأكلون في جوع شديد, يشربون الماء في عطش, أينما اتجهوا يجدون رائحة الموت ...
حتى أطلقوا عليها اسم "الجزائر الفرنسية", هذه هي المرحلة الصعبة التي عاشها الجزائريون...
عندما اسمع قصة الجزائر تدمع عيني و أقول في نفسي "كيف لا يعرفون هؤلاء الوحوش قيمة الجزائر ؟ إن الجزائر كانت وستبقى وطننا الغالي و ملجأنا و كل شيء بالنسبة لنا...
لكن الحمد لله أنها بعد سنين من العذاب والشقاء و أخيرا جاء النصر و الاستقلال الذي لطالما حلمت و حلمنا به..
اليوم الذي يفخر كل مواطن جزائري ببلده و يمشي بكل حرية و علم الجزائر يرفرف في أعلى الرؤوس حتى الفرنسيين يا لتعاستهم لأنهم استولوا على بلد لم يعرفوا مدى قيمته لدى مواطنيه , و ظنوا أنها ستبقى دائما وأبدا "الجزائر الفرنسية"...
و صدق المثل "الصبر مفتاح الفرج" , صبر الجزائريون على العذاب و الألم و الفقر والجوع لان وصلوا إلى الاستقلال أو بالأحرى إلى هزم فرنسا ,
لقد مات مليون ونصف مليون شهيد, أليس هذا دليلا على حب الوطن والتضحية من أجله؟
وبعد هذا الحديث الطويل و الشيق, قال لي جدي
-أتعلمين ما هو الشيء الأصعب من كل هذا في تلك الأيام السوداء التي عشناها؟
قلت في حيرة
-ألا يكفي كل هذا ؟
- الأصعب من كل هذا هو أن ترى في وطنك علم غير علم الجزائر يرفرف ..
كان العالم يسمع ببلايا الاستعمار الفرنسي لدياركم , فيعجب كيف لم يثوروا وكان يسمع أنينهم و توجعهم منه فيعجب كيف يؤثرون هذا الموت البطيء على الموت العاجل المريح وكان يسوق الشباب إلى المجازر البشرية في الحروب الاستعمارية فتموت عشرات الآلاف منهم في غير شرف ولا محمدة بل في سبيل فرنسا و توسيع ممالكها و حماية ديارها و لو أنهم ماتوا في سبيل تحرير الجزائر لماتوا شهداء و كانوا به سعداء.
و الآن يا ابنتي و الحمد لله لم تبق لنا فرنسا شيئا نخاف عليه , ولم تبق لنا خيطا من الأمل نتعلق به , بل تكاد تحجب عنا نور الشمس , كما قال البشير الإبراهيمي في خطبته إلى الشعب الجزائري " إن التراجع معناه الفناء , و إن الرضا بسلب الأموال قد ينافي الهمة والرجولة , ظنت فرنسا صمتكم خوفا فكنتم في نظرها كالموتى "
وما هي إلا ثوان قليلة حتى بدأ جدي بالبكاء.....
فكانت حكاياته مثل حكاية ألف ليلة وليلة, فكان يوم بأكمله لا يكفي لسماع كل حكاياته...
البعض يقول أن الجلوس مع الكبار ممل, في نظرهم أن الكبار كلامهم ما هو إلا خرافات لا يصدقها أحد...لكنني مع الرأي الذي يقول أن الجلوس مع الكبار أمتع و أفضل من الجلوس مع أحد آخر.
فقد بدأ جدي حياته بالسعادة ولا وجود للحزن..كان اليوم يمر كالسنة و السنة كأنها مئة عام كانوا لا يشعرون بالوقت , يلعبون و يمرحون و الحياة فتحت لهم أبوابها...
لكن سرعان ما تغيرت حياتهم إلى الأسوأ , ففي عام 1830 م جاء العدو الفرنسي إلى أرض العزة و الشرف (الجزائر)..فاغتصبوا حريتها , وحرموا المئات من الأطفال الحياة , ماهو ذنبهم؟ أليس لديهم حقوق؟ أين هي الإنسانية هذا ما يسمى بالوحشية...
هذه هي الحقيقة التي يجهلها الكثير , لكنها تظل حقيقة.
كانوا يذوقون الجزائريون كل أنواع العذاب...كل هذا, و إلى يومنا هذا ما زالوا الفرنسيون لا يعترفوا بالخطأ....
كانوا يعيشون الفقر بكل أنواعه ..يأكلون في جوع شديد, يشربون الماء في عطش, أينما اتجهوا يجدون رائحة الموت ...
حتى أطلقوا عليها اسم "الجزائر الفرنسية", هذه هي المرحلة الصعبة التي عاشها الجزائريون...
عندما اسمع قصة الجزائر تدمع عيني و أقول في نفسي "كيف لا يعرفون هؤلاء الوحوش قيمة الجزائر ؟ إن الجزائر كانت وستبقى وطننا الغالي و ملجأنا و كل شيء بالنسبة لنا...
لكن الحمد لله أنها بعد سنين من العذاب والشقاء و أخيرا جاء النصر و الاستقلال الذي لطالما حلمت و حلمنا به..
اليوم الذي يفخر كل مواطن جزائري ببلده و يمشي بكل حرية و علم الجزائر يرفرف في أعلى الرؤوس حتى الفرنسيين يا لتعاستهم لأنهم استولوا على بلد لم يعرفوا مدى قيمته لدى مواطنيه , و ظنوا أنها ستبقى دائما وأبدا "الجزائر الفرنسية"...
و صدق المثل "الصبر مفتاح الفرج" , صبر الجزائريون على العذاب و الألم و الفقر والجوع لان وصلوا إلى الاستقلال أو بالأحرى إلى هزم فرنسا ,
لقد مات مليون ونصف مليون شهيد, أليس هذا دليلا على حب الوطن والتضحية من أجله؟
وبعد هذا الحديث الطويل و الشيق, قال لي جدي
-أتعلمين ما هو الشيء الأصعب من كل هذا في تلك الأيام السوداء التي عشناها؟
قلت في حيرة
-ألا يكفي كل هذا ؟
- الأصعب من كل هذا هو أن ترى في وطنك علم غير علم الجزائر يرفرف ..
كان العالم يسمع ببلايا الاستعمار الفرنسي لدياركم , فيعجب كيف لم يثوروا وكان يسمع أنينهم و توجعهم منه فيعجب كيف يؤثرون هذا الموت البطيء على الموت العاجل المريح وكان يسوق الشباب إلى المجازر البشرية في الحروب الاستعمارية فتموت عشرات الآلاف منهم في غير شرف ولا محمدة بل في سبيل فرنسا و توسيع ممالكها و حماية ديارها و لو أنهم ماتوا في سبيل تحرير الجزائر لماتوا شهداء و كانوا به سعداء.
و الآن يا ابنتي و الحمد لله لم تبق لنا فرنسا شيئا نخاف عليه , ولم تبق لنا خيطا من الأمل نتعلق به , بل تكاد تحجب عنا نور الشمس , كما قال البشير الإبراهيمي في خطبته إلى الشعب الجزائري " إن التراجع معناه الفناء , و إن الرضا بسلب الأموال قد ينافي الهمة والرجولة , ظنت فرنسا صمتكم خوفا فكنتم في نظرها كالموتى "
وما هي إلا ثوان قليلة حتى بدأ جدي بالبكاء.....